Tuesday, March 11, 2008

سيدة في حياتي.. هي واحدة من عجائب الدنيا




واحدة من عجائب الدنيا أنت يا أقرب المخلوقات إلى قلبي، علاقتي بك وحدها تكفي لملأ مجلدات عن آخرها، فها أنت الحضن الدافيء الذي يقيني شرور العالم، و ها أنت أيضا السجن الكبير الذي يخنق كل أحلامي بلا رحمة، أندد و أشجب و أدين تصرفك معي على أني طفلتك الصغيرة طول الوقت، لكن بمجرد أن أبتعد عنك للحظة أو أتخيل مجرد تخيل غيابك عن عالمي، أشعر بالجنون، جنون يشبه جنون المدمنين، فأعود إليك صاغرة مستسلمة لكل مطالبك و تحكماتك، أحبك أكثر من أي شيء في هذا العالم، و قد أختبرت حبي لك مرارا و تكرارا فكان في كل مرة يزداد قوة و يزيدني ضعفا بين يديك الدافئتين دوما.


أعلم أيضا مقدار حبك لي، و أعلم كم أساوي لك، و أن هذا الحب هو الذي يدفعك لأن تجعليني سعيدة على طريقتك أنت و ليس على طريقتي أنا، و تلك يا أغلى الناس هي مشكلتي الأبدية معك.. هذا طبعا على افتراض أننا – أنا و أنت – مخلوقات أبدية لن تفنى أبدا، في الحقيقة أحيانا كثيرة أظننا كذلك، أظن أن ما يجمعنا من حب قادر على إحياء قصتنا معا للأبد. و لما لا؟ فهل تماثلها قصة أخرى في هذا الكون؟


لن أكذب عليك و أدعي أنني اكتشفت حبي العميق لك منذ اليوم الأول في الستة و عشرين عاما التي عرفتك فيها، و لن أدعي أيضا أنني عرفت كم أحبك في غضون هذه الأعوام، و لن أقول أني عرفت أني أحبك بهذا الشكل الجنوني بعد أن فقدت أبي و أصبحت أنت الكتف الوحيد الذي يمكنني البكاء عليه دون حرج، الحقيقة يا ملاكي الحارس أنني لم أعرف كم أحبك يا أمي إلا يوم الخميس الماضي فقط.


كان هذا اليوم هو اليوم السادس من شهر مارس عام 2008، تاريخ لن أنساه ما حييت، كنت أستقبل ضيوفا من محطة بي بي سي الإذاعية، أتوا لتسجيل حلقة معي عن نشاطي في مجال حقوق الإنسان و كتاباتي و أشعاري، و كوني مدونة و امرأة تدافع عن حقوق المرأة في مجتمع منغلق نسبيا كمجتمعنا.


و قبل أن يصل الضيوف اتصل بي أحدهم و طلب مني اختيار أحد المقربين لي للتسجيل معه و سؤاله عني، لم يأتي إلى ذهني أحد غيرك، لأني في قرارة نفسي كنت أعلم بما يشبه اليقين أنك الوحيدة في هذا العالم التي تعرفني حق المعرفة و تستطيع أن تتحدث بصراحة في أي أمر يخصني، فاخترتك أنت بلا أدنى تفكير و بلا تردد.


ما جعل هذا اليوم يوما استثنائيا ليس هو أنني حققت خطوة مهمة في طريقي نحو الشهرة – التي أعترف للأسف بأني مريضة بحبها – و لكن لأنك كنت هناك يا ماما، تراقبين و تشجعين، كنت أسرق النظر إليك بينما أتحدث إلى المذيع من وقت لأخر، كطفل صغير يحاول قرأة الأوامر التي تمليها عليه عيون أمه، و قد قرأت في عينيك الصافيتين الصادقتين أروع و أصدق تعبير عن الحب، قرأت فيهما فخرك بي! و صدقيني كان هذا عكس كل توقعاتي، فقد كنت دائما تنظرين إلى ما أفعله على أنه شيء غير مجدي، أتذكرين ذلك اليوم حين أتيتك بأول كتاب يطبع عليه أسمي، فقلتي لي أنك لا تريدينني أن أحضر لك كتبا و فضلتي على ذلك أن أزف عليك خبر زواجي من أحدهم؟ أحبطتني بشكل مبالغ فيه في ذلك اليوم، لكن من يهتم لأمر الماضي الآن، أنظري إليك اليوم، بمجرد أن قرأت أحد قصائدي على المذيع وجدتك تنتفضين من مقعدك و تصفقين بحماس و تقبليني بمنتهى السعادة و كأني "أبو تريكة" سددت هدفا في مبارة نهائية، أندهشت لكن سعادتي كانت كافية لقتل أي احساس بالدهشة، أدهشني جدا ما قلته للمذيع عني، و كيف أنك كنت ترين في شيئا عظيما منذ كنت تغيرين لي الحفضات (هههههههه) كم أنت رائعة يا ماما..


و بعد أن رحل الضيوف جلسنا معا، و دار بيننا حديث طويل عن علاقتنا التي لم أكن أفهمها حق الفهم، و بالصدفة استعملت هاتفي لاتصل بأحدهم و دون أن اقصد اتصلت برقمك أنت، و حين أدركت الخطأ نظرت على تليفونك فوجدتك و قد كتبت أسمي على هاتفك بهذه الطريقة: "داليا بنت عمري" ياله من تعبير يستحيل أن يخرج إلا من قلب محب كقلبك العظيم، فوجدت دموعي تفلت مني و تسقط واحدة تلو الأخرى على خدي، و ارتميت على يديك أقبلهما.. هل تعرفين يا ماما أن هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أقبل فيها يديك؟ كيف لم أمتع نفسي بتقبيل يديك طوال الستة و عشرين سنة الماضية؟ أمي الغالية، أسمحي لي أن أقول لك إني أحبك، أسمحي لي أن أشكر إذاعة البي بي سي التي اتاحت لي فرصة معرفة مشاعري تجاهك، أسمحي لي أن أعلن حبي لك على العالم أجمع عبر مدونتي المتواضعة التي لا تليق بأي حال من الأحوال بذكرك أيتها العظيمة فيها. الحمد و الشكر لله أن جعلني أعرف قيمتك الآن و ليس بعد الآن.


ربنا ما يحرمني منك أبدا يا ماما


أدعوكم جميعا زواري الأعزاء لسماع الحلقة التي سجلتها إذاعة البي بي سي معي و مع ماما أيام 20 و 21 و 22 مارس، و إن حدث أي تغيير في المواعيد سأخبركم بها و طبعا أكيد سأنشرها هنا على مدونتي بمجرد أن يرفعوها على موقع الإذاعة.